مخاوف الركود تحاصر الاقتصاد الأمريكي والدولار في خطر - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة
شهدت آفاق الاقتصاد الأمريكي تراجعًا ملحوظًا خلال الأشهر الأخيرة. فبعد تفوقه على نظرائه الدوليين في عام 2024، بدأت المؤشرات الاقتصادية في التذبذب وسط مشهد اقتصادي قاتم. يأتي ذلك في ظل تحذيرات الخبراء من أن السياسات المتقلبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تُلحق الضرر بأكبر اقتصاد في العالم، وفقًا لصحيفة ذا جارديان البريطانية.

مخاوف الركود تحاصر أمريكا

تتصاعد المخاوف من دخول الاقتصاد الأمريكي في ركود خلال عام 2025، بسبب حالة عدم اليقين الناجمة عن سياسات ترامب الاقتصادية. ويأتي ذلك وسط انخفاض حاد في ثقة الشركات والمستهلكين، بينما يهدد الرئيس بفرض رسوم جمركية مشددة على كل من حلفاء الولايات المتحدة وخصومها على حد سواء.
اقرأ أيضاً: هل تتفوق الأسهم الصينية على نظيرتها الأمريكية في 2025؟
ورغم أن معظم الاقتصاديين يرون أن الركود - الذي يُعرّف بأنه انكماش الناتج المحلي الإجمالي لربعين متتاليين - لا يزال ممكنًا تجنّبه، إلا أن المؤشرات الحالية تعكس تزايد الضغوط خلال الأيام الأولى من إدارة ترامب.

تراجع النمو الاقتصادي

لطالما تفوق الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي على اقتصادات كبرى خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد جائحة كوفيد-19، بفضل السياسات التحفيزية التي أقرّتها إدارة بايدن، مثل قانون خفض التضخم، الذي ضخ مئات المليارات في الاقتصاد.
اقرأ أيضاً: لماذا تسود توقعات متشائمة لاقتصاد أمريكا في ولاية ترامب الثانية؟
ومع ذلك، فإن الناخبين لم يمنحوا الرئيس السابق التقدير الكافي، حيث تأثرت ثقة المستهلكين سلبًا نتيجة التضخم المرتفع الذي أشعلته الجائحة والحرب في أوكرانيا.
وفي الوقت الحالي، يُشير مؤشر الناتج المحلي الإجمالي الآني التابع لـ الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا إلى أن الاقتصاد الأمريكي سينكمش بمعدل سنوي -2% في الربع الأول من 2025. لكن هذا المؤشر، رغم متابعته الواسعة، قد يكون متقلبًا، خاصة أنه يتأثر بالعجز التجاري الأمريكي، الذي ارتفع بشكل حاد في يناير.

اتساع العجز التجاري

ارتفع العجز في تجارة السلع الأمريكية إلى 153.3 مليار دولار في يناير، نتيجة قفزة غير مسبوقة في حجم الواردات، والتي زادت بمقدار 36.2 مليار دولار، لتصل إلى إجمالي 329.5 مليار دولار. ويُعزى ذلك إلى مسارعة الشركات الأمريكية لاستيراد شحناتها قبل فرض أي رسوم جمركية جديدة قد تُقررها إدارة ترامب.

واردات الذهب الأمريكية تسجل قفزة

من بين أبرز العوامل التي ساهمت في ارتفاع الواردات، كان التدفق الكبير للمعادن الثمينة، وخاصة سبائك الذهب، حيث لجأ المستثمرون إلى تخزينها كتحوط ضد التضخم المحتمل وسياسات التجارة الصارمة.
عادةً ما يُسهم اتساع العجز التجاري في الضغط على الناتج المحلي الإجمالي، مما قد يُضعف النمو الاقتصادي.

تضخم اقتصادي يفوق التوقعات

وعد الرئيس دونالد ترامب بخفض الأسعار بشكل سريع، متعهدًا بتقليل تكاليف الطاقة إلى النصف خلال 12 شهرًا من توليه منصبه.
لكن البيانات الرسمية تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعًا، إذ بلغ 2.8% في فبراير، بعد ارتفاعه غير المتوقع إلى 3% في يناير، مقارنة بـ 2.9% في ديسمبر.
وفي هذا السياق، حذّرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من أن سياسات ترامب التجارية قد تؤدي إلى تفاقم التضخم، ورفعت توقعاتها لمعدل التضخم في الولايات المتحدة لعام 2025 إلى 2.8%، مقارنةً بتقديراتها السابقة عند 2.1% في ديسمبر.

سوق العمل الأمريكي: استقرار رغم الضغوط

شهد سوق العمل الأمريكي نموًا قويًا في السنوات الأخيرة، حيث انخفض معدل البطالة إلى 3.5% في أوائل عام 2023، وهو أدنى مستوى منذ هبوط أول إنسان على سطح القمر عام 1969.
لكن المعدل بدأ في الارتفاع خلال الأشهر الأخيرة، ليصل إلى 4.1% حاليًا، رغم أنه لا يزال عند مستويات منخفضة تاريخيًا، بفضل استمرار خلق وظائف جديدة بوتيرة متسارعة.

اضطرابات في سوق الأسهم

عانت الأسواق المالية من اضطرابات خلال أول 100 يوم من رئاسة ترامب، إذ تذبذبت مؤشرات الأسهم وسط مخاوف من سياساته الاقتصادية المتقلبة، لا سيما فيما يتعلق بالرسوم الجمركية التي قد تُعطل النمو الاقتصادي وتُفاقم التضخم.

الدولار الأمريكي بين الصعود والتقلبات

ارتفع الدولار الأمريكي بشكل ملحوظ أمام العملات الرئيسية الأخرى، مدعومًا بثقة المستثمرين في قوة الاقتصاد الأمريكي، لكن في المقابل، يخشى الخبراء من أن تؤدي سياسات ترامب التجارية إلى زيادة التضخم، مما قد يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى التراجع عن خطط خفض الفائدة.
وفي حال تباطؤ الاقتصاد بشكل حاد، قد يضطر البنك المركزي الأمريكي إلى خفض تكاليف الاقتراض، وهو ما أدى بالفعل إلى تراجع الدولار خلال الأسابيع الأخيرة.
لطالما تبنت واشنطن سياسة "الدولار القوي"، نظرًا لأنه يدعم القوة الشرائية للمستهلكين الأمريكيين ويسهم في استقرار الأسعار. كما يُستخدم الدولار على نطاق واسع في التجارة العالمية، مما يمنحه أهمية استراتيجية كبيرة.
ومع ذلك، يرى ترامب أن ضعف الدولار قد يكون مفيدًا للصناعة الأمريكية، إذ يجعل الصادرات أرخص للمشترين الأجانب، مما يُعزز تنافسية المنتجات الأمريكية في الأسواق العالمية.

توقعات الاقتصاد الأمريكي

يبدو أن الاقتصاد الأمريكي يواجه مرحلة دقيقة خلال العام الأول من رئاسة ترامب، إذ تتزايد التحديات أمام النمو، في ظل تصاعد التوترات التجارية، واتساع العجز التجاري، وارتفاع التضخم.
يبقى السؤال: هل ستنجح إدارة ترامب في تفادي الركود، أم أن السياسات الاقتصادية المتبعة ستؤدي إلى أزمة حادة؟ الأيام المقبلة وحدها ستكشف الإجابة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق