يتزامن اليوم السبت ذكرى ميلاد الفنان توفيق الدقن أحد أبرز من جسدوا أدوار الشر في تاريخ السينما المصرية وأيضا رسموا البسمة على وجوه الجمهور، الذي ولد في 3 مايو عام 1923 بمحافظة المنوفية، وودع عالمنا في 26 نوفمبر 1988. 

ورصد موقع تحيا مصر اشهر إفيهات النجم توفيق الدقن مثل "يا آه يا آه"، و"أحلى من الشرف مفيش"، و"ألو يا أمم" ظل يحمل داخله وجهًا آخر مغايرًا تمامًا، وجه الإنسان المُحبط، الحالم، الحنون، الذي حاصرته الصدف والمصادفات، وراوغته البطولة المطلقة حتى آخر أيامه.

بدايات محبطة.. ومنعطفات لم تكتمل

لم تكن طريق الدقن إلى النجومية مفروشة بالورود، بل امتلأت بلحظات من الإحباط والانكسار. البداية جاءت من عشقه لكرة القدم، حيث برع في نادي المنيا، حتى تسابقت عليه أندية القمة، الزمالك والأهلي لكنه رفض الانضمام لأي منهما بسبب شرط الانضمام للكلية الحربية وحلاقة شعره، الأمر الذي لم يوافق عليه، خصوصا أنه كان وسيما للغاية ولا يريد التخلي عن وسامته، لذا صرف النظر على لعب كرة القدم ما أصابه بالإحباط الشديد.

لاحقًا، وبعد وفاة والده، انتقل مع أسرته إلى القاهرة، وعمل موظفًا في السكة الحديد ليُعيل أمه وإخوته، تاركًا وراءه أحلام المستطيل الأخضر.

وفي لحظة رسمها القدر، شاهدته الفنانة روحية خالد في أحد الأندية، واختارته لتجسيد دور مسرحي بديلًا للبطل المصاب كان هذا أول صعود له على خشبة المسرح، وبه اكتشف حبه للفن، ليقرر التقديم في المعهد العالي للفنون المسرحية، إلا أنه رسب في المرة الأولى، ما جعل مشاعر الإحباط تراوده من جديد، قبل أن يتغلب عليها بعد نجاحه في اختبارات القبول لاحقا، وحصوله على البكالوريوس عام 1950.

إحباط قاس "الرجل الثاني" والدور الضائع

من أقسى لحظات الإحباط في حياته ما حدث عندما رشح لبطولة فيلم "الرجل الثاني"، وهو الدور الذي كان من الممكن أن يُغير مسيرته تمامًا، لكن بطلة الفيلم الفنانة صباح رفضت أن يقف أمامها، وطالبت برشدي أباظة بدلًا منه وبالفعل، استُبعد توفيق الدقن، الأمر الذي أدخله في حالة اكتئاب وأصيب بسببها بمرض السكري.

صديقه رشدي أباظة، الذي لم يكن يعلم أن الدور كان مخصصا لتوفيق، ذهب إليه معتذرًا، وأعطاه "العربون" الذي قبضه من المنتج، في موقف يعكس أخلاق جيل نادر لا تنسى صداقاته.

همبكة.. الشخصية التي أحبها الجمهور وكرهها هو

رغم النجاح الساحق الذي حققه بإفيه "سلام يا همبكة"، فإن الدقن كره هذه الشخصية، لأنها حاصرته فنيًا، وأفقدت الجمهور القدرة على تقبله في أدوار جديدة. حتى إنه انسحب من عرض مسرحي حين ناداه الجمهور باسم "همبكة"، لأنه شعر بالإحباط لأنه لم يقنعهم بالشخصية التي يؤديها.

وجه آخر خلف الشر

رغم حصره في أدوار الشر، كان توفيق الدقن في حياته الواقعية أبا حنونا وزوجا مخلصا، تزوج في سن الأربعين من ابنة عمته بعد أن زوج شقيقاته البنات. وصفه أبناؤه بأنه أب ديمقراطي، يحترم البيت ويمنع دخول الغرباء، وكان من أصدقائه المقربين فقط رشدي أباظة ومحمود المليجي، الذي اعتبره معلمه وأستاذه.

موهبة لا تنسى

في رصيده أكثر من 450 فيلمًا، منها أعمال خالدة مثل "ابن حميدو"، "في بيتنا رجل"، "أنا وهو وهي"، و"على باب الوزير"، كما قدّم نحو 120 عملًا مسرحيًا، أبرزها "عيلة الدوغري" و"سكة السلامة".

وقد اختير له 12 فيلما ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، بحسب استفتاء النقاد عام 1996، ما يؤكد أنه كان جزءًا من نسيج السينما المصرية.

وفاة توفيق الدقن 

توفي توفيق الدقن عن عالمنا بجسده، لكنه ترك إرثا فنيا خالدا، وصورة فنية لا تمحى لأحد أذكى من قدم أدوار الشر الممزوج بالسخرية، والمفارقة. شر يختبئ خلفه قلب لم يتحقق له كل ما حلم به، لكنه رغم كل الإحباطات ظل واقفًا على خشبة المسرح، يصفق له الجمهور.