توترات متصاعدة في الإقليم... هل يستطيع لبنان تجاوز ارتداداتها؟! - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
توترات متصاعدة في الإقليم... هل يستطيع لبنان تجاوز ارتداداتها؟! - عرب فايف, اليوم السبت 3 مايو 2025 04:02 صباحاً

في وقتٍ ينشغل لبنان بالانتخابات البلدية والاختيارية التي تنطلق الأحد المقبل، بمشهد استثنائي وفريد في تاريخ البلد، على وقع الاعتداءات الإسرائيلية التي لا يستطيع أحد أن يضمن توقّفها، على الأقلّ في أيام التصويت، تبدو المنطقة برمّتها، ولبنان جزءٌ منها، على فوهة بركان، في ظلّ تصاعد مستمرّ، بل "دراماتيكي" للتطورات، بدأ في السابع من تشرين الأول 2023، وتوّج بالحرب الأعنف على لبنان، لكنّه بلغ "ذروته" في الأسابيع القليلة الماضية.

يتجلّى هذا الأمر بشكل واضح في قطاع غزة، حيث لم تصمد الهدنة المؤقّتة التي تمّ الاتفاق عليها مطلع العام، فانهارت سريعًا، من دون أن تنجح جهود الدول "الوسيطة" في إنعاشها وإعادتها للحياة، بل على العكس من ذلك، يبدو أنّ هناك في إسرائيل اليوم من يلوّح بزيادة وتيرة العمليات العسكرية، بل من يتحدّث عن توسيع العملية البرية، موجّهًا بذلك رسالة واضحة وحازمة، أنّ ما بدأته إسرائيل لن يتوقف قبل فرض واقع جديد في القطاع المُحاصَر.

لكنّه يتجلّى أيضًا، وربما بشكل أكثر وضوحًا في سوريا، التي تعيش مرحلة عصيبة قد تكون الأصعب والأدقّ منذ سقوط نظام بشار الأسد، في ظلّ التوتّرات الطائفية "المتنقّلة" بين المناطق، فما بدا أنّ الحكم الانتقاليّ "تجاوزه" في الساحل السوري، عاد ليطلّ برأسه من جرمانا، قبل أن يمتدّ إلى صحنايا، بعد حديث عن تفاهماتٍ واتفاقاتٍ تمّ التوصل إليها لوقف إطلاق النار، مع تسجيل دخول إسرائيل على الخطّ، مرّة أخرى، بزعم "حماية الأقليات".

وسط كلّ هذه المشهديّة "المعقّدة" إن صحّ التعبير، يبدو لبنان في وضعٍ لا يُحسَد عليه، وهو الذي يبدو في "صلب" كلّ هذه الجبهات، فالاعتداءات الإسرائيلية لا تتوقف على حدوده الجنوبية، وسائر المناطق متى شعرت إسرائيل بالرغبة في توسيعها، فيما العين تبقى على حدوده الشمالية والشرقية، وسط ترقّب لانعكاسات أحداث سوريا عليه، سواء من بوابة النزوح أو الأمن، فهل يستطيع لبنان عمليًا تجاوز "عاصفة الإقليم" هذه، وكيف؟!.

في البداية، قد يكون من المفيد "استطلاع" ما يجري على خطّ الجبهات المتعدّدة المفتوحة في الإقليم، من غزة إلى سوريا مرورًا بلبنان، ومن دون أن ننسى اليمن، ولو كان لجبهته اعتباراتها ومعاييرها المختلفة، حيث يبدو واضحًا أنّ "مايسترو" واحدًا يقف خلف كلّ هذه الجبهة، وهو اللاعب الإسرائيلي الذي لم يعد خافيًا على أحد أنّه يريد فرض معادلات جديدة على المنطقة، تترجم واقعًا مختلفًا لما كان سائدًا قبل السابع من تشرين الأول 2023.

ففي قطاع غزة، تخوض إسرائيل منذ عملية "طوفان الأقصى" حربًا لا تشبه أيًا من حروبها السابقة، ليس فقط لكون عنوان "الإبادة الجماعية" ينطبق عليها حرفيًا، وليس فقط لأنّ جرائمها تُبَثّ على الهواء مباشرةً، وليس فقط لأنّها تتجاهل من خلالها كلّ قوانين الحروب وحقوق الإنسان، وهي عادة دأبت عليها في كلّ الأحوال، ولكن حتى على مستوى الشكل، إذ لم يسبق لإسرائيل أن لجأت لهذا النوع من الحروب "الطويلة"، والمفتوحة ربما على المجهول.

وإذا كان صحيحًا أنّ إسرائيل لطالما تجاهلت القوانين الدولية في حروبها، فإنّ "النهج" الذي تعتمده في حرب غزة يبدو متقدّمًا، فهي لا تكترث لكلّ الأصوات الدولية والأممية، حتى إنّها تتعامل مع جهود وقف إطلاق النار بما يصل إلى مستوى "الاستخفاف"، وكلّها عوامل تثبت أنّها تريد من هذه الحرب أن تفرز واقعًا جديدًا، تحاول فرضه بكلّ الأشكال، وأول عناوينه إنهاء المقاومة الفلسطينية، وبالحدّ الأدنى القضاء على حركة حماس، أو نفيها لخارج فلسطين.

يسري الأمر نفسه على لبنان بصورة أو بأخرى، وإن هدأت الجبهة فيه قليلاً مع التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، انكفأ بموجبه "حزب الله"، بعد خسائر صادمة تعرّض لها، يقال إنّه لم يستطِع "استيعابها" بعد، مسلّمًا أمره للدولة، في "سابقة" من نوعها في تاريخه. فإسرائيل فسّرت الاتفاق على طريقتها، وكرّست لنفسها حقًّا بـ"حرية الحركة"، لتكمل الحرب على لبنان رغم الاتفاق، ولكن "من طرف واحد"، في رسالة قد تنطوي على الكثير من الدلالات.

ولعلّ ذلك يفسّر أنّ إسرائيل تسعى لفرض "واقع جديد" على لبنان أيضًا، كما غزة، وهي تعتبر أنّها حقّقت تقدّمًا نوعيًا على هذا الخط، منذ لحظة اغتيال الأمين العام السابق لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، الذي قال الإسرائيليون قبل غيرهم إنّه ليس ممّن "يُستبدَلون"، علمًا أنّ هناك من يؤكد أنّ "نزع سلاح" الحزب ليس مجرّد عنوان سياسيّ يُطرَح مؤقتًا، فالاستقرار لن يعود من دونه، وإسرائيل لن تخرج من لبنان قبل "ضمان" غياب أيّ "تهديد مستقبلي" لها.

أما في سوريا، فالقصة تبدو "أعقد" من كلّ ما سبق، وإن كانت قد بدأت مع سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، الذي شكّل "الفرصة" لإسرائيل، لضمّ سوريا إلى "جبهات الحرب"، بعدما خرج داخلها من "يتوجّس" من النظام البديل، ذي الجذور الإسلاميّة، التي لا ترتاح لها تل ابيب تاريخيًا، على الرغم من أنّ هذا النظام لم يتردّد في توجيه بعض ما صُنّفت رسائل "طمأنة" لإسرائيل، ولو من باب "العجز" عن المواجهة في ظلّ ظروف الحكم الانتقالي.

ولعلّ ما حدث في الأيام الأخيرة في سوريا يقرع جرس الإنذار أكثر فأكثر، فالتوتر الطائفي أخذ في البلاد منحى دمويًا، قد يأخذها إلى سيناريوهات "عبثية" سبق أن شهدتها العديد من دول ما سُمّي يومًا بـ"الربيع العربي"، لكنّ الأخطر من ذلك كلّه، هو دخول إسرائيل على الخطّ، دخولٌ لا يخفى أنّ الهدف منه ليس "حماية الدروز"، بقدر ما هو استكمال ما بدأته في غزة ولبنان، لتعزيز وجودها العسكري، وإنهاء كلّ تهديد محتمل في المحيط، مهما ضعف حجمه.

إزاء كلّ ما تقدّم، يصبح السؤال مشروعًا عن الانعكاسات على لبنان، ولو كان أساسًا في قلب هذا الصراع، وقد نال "نصيبه" من كلّ ما جرى منذ بدء الحرب على غزة، مرورًا بما سُمّي بـ"الإسناد"، وصولاً إلى العدوان الدموي على لبنان، الذي لم ينتهِ فصولاً، مع اتفاق وقف إطلاق النار، تمامًا كما نال "نصيبه" أيضًا من أحداث سوريا، منذ اندلاع الثورة الشعبية عام 2011، التي تحوّلت حربًا، كان لبنان من أكبر المتضرّرين منها، مع حجم النزوح إليه.

هكذا، يجد لبنان نفسه مرّة أخرى، في "قلب" المعركة، فهو البلد الصغير الذي يتأثّر بكلّ ما يجري في محيطه القريب والبعيد، ولعلّ أحداث سوريا تحديدًا تلقي برأسها عليه اليوم، وهو ما يفسّر "الغليان الدرزي" مثلاً على وقع أحداث جرمانا وصحنايا، وسط مخاوف أيضًا من انتقال "التوتر الطائفي" إلى داخل الأراضي اللبنانية، علمًا أنّ هناك من يخشى أساسًا من "صدام" من هذا النوع، على خلفية الاستحقاقات الكبيرة المطروحة، ومنها نزع السلاح.

قد يكون "العهد الجديد" ضمانة لعدم الوقوع في "الأفخاخ"، فهذا العهد حزم قراره، من بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، إلى الانفتاح على المجتمع الدولي، وإعادة العلاقات مع دول الخليج التي انكفأت عن لبنان، وقد كرّس ذلك بتحذير حركة "حماس" من توريط لبنان بأيّ شكل من الأشكال، قرارٌ لا يهدف إلى "مواجهة" مع أيّ فريق في الداخل والخارج، بقدر ما يسعى إلى "تحصين" لبنان، فهل تسمح الظروف بذلك على الأرض؟!.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق