نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق .. مستقبل سوريا الغامض - عرب فايف, اليوم الثلاثاء 17 ديسمبر 2024 12:22 صباحاً
نشر في الشروق يوم 16 - 12 - 2024
فتح سقوط النظام السوري السابق الباب أمام مصراعيه لمستقبل غامض، سواء بسبب "الحكام الجدد" الذين أتت بهم غرف الاستخبارات الاقليمية والدولية أو التدخلات الخارجية في صياغة مستقبل سوريا، بالإضافة الى الكيان الصهيوني الذي يرى في الأمر فرصة ذهبية لتوسّعه.
أثبتت التجارب السابقة أنّه ليس سهلا بالمرة استقرار بلد ما بعد فترة حكم طويلة لنظام ما، والحال في سوريا أن العقود الطويلة التي قضاها النظام السابق في الحكم، رسّخت عديد الأمور التي لا يمكن تغييرها ببساطة.
اضافة الى ذلك فإن طبيعة النظام السياسي القائم سابقا وموقف سوريا تجاه القضايا الاقليمية والاقليمية، تركت تركة كبيرة أمام "الحكام الجدد" لدمشق الذين مهما كانت لهم شرعية في اسقاط النظام السابق إلا أنّ هم أنفسهم أتت بهم أطراف خارجية.
لذلك يصعب جدا في بلد مدمّر سياسيا واقتصاديا ومقسّم طائفيا أن يتمّ بناؤه وتعافيه بسرعة إذا لم يكن التغيير قد جاء بصفة داخلية أصيلة، حتى يتمّ منع الأطراف الخارجية في رسم مستقبل وفق مصالحهم الخاصة.
وبما أن التغيير في سوريا وإن كان وفق إرادة شعبية نوعا ما فإنه أتى بأياد ودعم خارجي، مما يعني أن اعادة تشكيل مستقبل البلاد سيكون وفق أهواء هؤلاء الذين موّلوا ودرّبوا ودعموا حتى سقط النظام.
ولعلّ أبرز اللاعبين الذين سيشكّلون مستقبل سوريا هي تركيا التي ترى في سوريا حديقة خلفية وجغرافيا تابعة من الضروري جعلها كمقاطعة تركية اقتصاديا وسياسيا وأمنيا رغم حديثها الاعلامي المستهلك عن سيادة سوريا الجديدة.
السؤال هنا ما حدود سيطرة أنقرة في رسم مستقبل سوريا؟ والحال أن عديد الأطراف الاقليمية والدولية لها تدخّل كبير في البلاد، بدءا من الكيان الصهيوني الذي يريد قضم أجزاء جديدة منها ويريدها دولة مطبّعة خانعة لا حول ولا قوة لها.
إلى أي مدى ستدافع أنقرة عن مصلحتها أولا وعن مصلحة سوريا ثانيا كدولة مستقلة قوية وغير مقسّمة؟ هل ستذهب تركيا في حماية مصالحها وإن كان على حساب سوريا؟ أم على الاثنين معا؟ وهو ما يعني أنّها ستصطدم مباشرة بالطموح الصهيوني.
اللاعب الثاني الأبرز هو الكيان الصهيوني ومن ورائه طبعا "خدمه" الغربيون، فالكيان المحتل أمام فرصة ذهبية تاريخية على جميع الأصعدة، من ناحية توسيع حدوده أوّلا ومن ناحية جعل سوريا صديقة مطبّعة والأهم من ذلك سوريا بلا قوة وسيادة حقيقية وبلا وحدة.
سيضغط الاحتلال سياسيا وأمنيا وخاصة اقتصاديا (رفع العقوبات) مع حلفائه الغربيين من أجل أن تكون سوريا المستقبلية كما يريدها الكيان المحتل بالدرجة الأولى، وليس كما يريد السوريّون أنفسهم أو أنقرة أو العرب.
أما الطرف الثالث فهو العرب، حيث يدفع التحالف الخليجي الأردني المصري نحو سوريا ضمن حاضنتها العربية بعيدا خاصة عن المنحور الايراني، وطبعا ضمن الاتفاقات الإبراهيمية مع الاحتلال الصهيوني.
قد لا يكون هؤلاء الآن في موقف قوة خاصّة على الأرض، لكن سياسيا وخاصة اقتصاديا في إعادة الإعمار سيكون للدول الخليجية خاصّة الكلمة العليا في رسم وجه سوريا الجديدة كلّيا.
من جهة أخرى تبدو إيران ومن بعدها روسيا أكبر الخاسرين من الأحداث الجارية، فالأولى خسرت حليفا سياسيا وعقائديا وعسكريا قويا، والثانية دورها يلفّه الغموض خاصّة إذا ما طردها عسكريا من سوريا وهي التي تملك قاعدتين حيويتين يعتبران بوابتها للبحر الأبيض المتوسّط وللشرق الأوسط ككل.
هي إذن "لعقبة معقّدة" كما وصفها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والأكيد أن وجود سوريا جديدة بنفس الجغرافيا والوحدة والسيادة سيكون رهن التسويات الاقليمية و الدولية ممّا يعني أن حاضرها ومستقبلها ليس بيدها أبدا.
بدرالدّين السّيّاري
.
0 تعليق