أكد أمنيون أن فرض الغرامات المشددة وعقوبات السجن بحق مخالفي أنظمة وتعليمات الحج دون تصريح يمثل أداة فاعلة لتعزيز أمن الحج وحماية ضيوف الرحمن، وضمان انسيابية أداء المناسك بأعلى درجات التنظيم والسلامة.
وأوضحوا في حديثهم لـ”اليوم”، أن هذه الإجراءات تسهم في بناء نموذج مستدام لإدارة الحشود، وتعزز من الالتزام المجتمعي، بما يدعم تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وأكد اللواء متقاعد مسفر الغامدي أن أعداد المسلمين الراغبين في زيارة المقدسات الإسلامية بالمملكة تشهد تزايدًا مستمرًا، مرجعًا ذلك إلى عدة أسباب رئيسية، من أبرزها

مسفر الغامدي
وأضاف أن وسائل النقل الحديثة وسهولة الوصول إلى المملكة في تعزيز هذا النمو الكبير في أعداد طالبي تأشيرات العمرة والحج.
وأوضح الغامدي أن هذا التزايد المتسارع شكّل ضغطًا هائلًا على منظومة الخدمات المقدمة للحجاج والمعتمرين، بما في ذلك الخدمات اللوجستية كوسائل النقل، والغذاء، وتنظيم حركة الحشود، والخدمات الصحية، إضافة إلى استيعاب السعة المحدودة للحرمين الشريفين. ونتيجة لهذه المعطيات، قامت المملكة باتخاذ إجراءات ملزمة لتنظيم أعداد الحجاج والمعتمرين لكل دولة وفق معايير متفق عليها مسبقًا.
المخالفات والشركات الوهمية
وأشار إلى أنه رغم وجود هذه الاتفاقيات المنظمة، إلا أن بعض الشركات والأفراد من داخل المملكة وخارجها استغلوا هذا الوضع عبر إنشاء شركات وهمية وممارسة الاحتيال على الحجاج والمعتمرين، سعيًا وراء الكسب غير المشروع، مما استدعى من المملكة التدخل الحازم لوضع حد لهذه التجاوزات، عبر فرض غرامات مالية كبيرة على المخالفين، بالإضافة إلى عقوبات مشددة تشمل السجن والمنع من دخول أراضي المملكة لمدة تصل إلى عشر سنوات.
وبيّن الغامدي أن هذه الإجراءات ضرورية للغاية للحد من المخالفات المتزايدة خلال السنوات الأخيرة، رغم ما تتطلبه من جهود ضخمة وتكاليف مالية باهظة تتحملها المملكة، مؤكدًا أن الهدف الأساسي منها هو حماية ضيوف الرحمن وتنظيم أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة، وفق الأنظمة والضوابط الموضوعة لخدمتهم وضمان سلامتهم.

خطوة محورية لتعزيز الأمن
من جهته أكد الباحث في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، الدكتور فواز كاسب العنزي، أن إعلان وزارة الداخلية عن فرض غرامات صارمة بحق مخالفي أنظمة وتعليمات الحج يمثل خطوة محورية نحو تعزيز الأمن الوطني وضمان استدامة تنظيم موسم الحج.

د فواز كاسب
وأشار إلى أن التصدي الحازم لمحاولات أداء المناسك دون تصريح يسهم في حماية الأرواح، ويقلل من مخاطر الازدحام، والأعباء الصحية، والأمنية، والخدمية، كما يكرّس مبدأ سيادة القانون، ويعزز من هيبة الأنظمة الوطنية.
وأوضح الدكتور العنزي أن هذه الإجراءات لا تقتصر فقط على تحقيق الانضباط الآني خلال موسم الحج، بل تسهم بشكل مباشر في بناء نموذج مستدام لإدارة الحشود، يراعي الطاقة الاستيعابية للمشاعر المقدسة، ويحافظ على سلامة البنية التحتية الحيوية.
وأكد أن هذه التدابير تكرس ثقافة الوعي بالمسؤولية، وتحفّز الجميع على الالتزام بالتعليمات المنظمة، بما يضمن إقامة مواسم حج ناجحة ومستدامة عاماً بعد عام.
جهود حكومية لأمن الحجاج
وأضاف أن ربط العقوبات بالتوعية المجتمعية، وتفعيل قنوات الإبلاغ الفوري عن المخالفين، يعزز مفهوم الشراكة بين المواطن والدولة في حماية أمن الحج، لافتًا إلى أن هذا التكامل بين الجهود الرسمية والمجتمعية يحقق التوازن المنشود بين أداء الشعيرة العظيمة، وحماية النفس والمجتمع، إلى جانب تحقيق أهداف الاستدامة التي تتوافق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وأكد أستاذ علم الاجتماع والجريمة بكلية الملك خالد العسكرية بوزارة الحرس الوطني، الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بدوي، أن راحة وسلامة حجاج بيت الله الحرام كانت ولا تزال

د عبدالرحمن بدوي
لا حج بلا تصريح
وأوضح بدوي أن وزارة الداخلية السعودية شددت على ضرورة الحصول على تصريح رسمي لأداء مناسك الحج، مؤكدة أنه “لا حج بلا تصريح”، حيث قامت بنشر التعليمات الخاصة بذلك والإعلان عن العقوبات التفصيلية التي ستطبق بحق كل من يخالف الأنظمة أو يحاول الإخلال بها بأي طريقة كانت.
وشددت على أن العقوبات ستُنفذ بكل قوة وحزم ودون استثناء. وأشار إلى أن الجهات الأمنية وكافة الوزارات المسؤولة عن تنظيم موسم الحج كانت قد حذرت في وقت مبكر من انتشار بعض الأساليب الإجرامية الموسمية، لاسيما عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتم الترويج لحملات حج وهمية يقودها بعض ضعاف النفوس الذين يستغلون قدسية المناسبة للإيقاع بضحاياهم.
ولفت إلى أن الجهات الرسمية نبهت جميع من ينوون أداء الحج هذا العام بضرورة التأكد من نظامية حملاتهم وسلامة تصاريحهم، وذلك عبر المنصات الإلكترونية والمواقع الرسمية المتاحة على مدار الساعة، بما يضمن التحقق من الإجراءات النظامية بكل سهولة ويسر.
وأكد بدوي أن القانون لا يحمي من يفرط أو يتهاون في التأكد من سلامة حملته وتصريح حجه، ولا يعفيه ذلك من المنع من دخول المشاعر المقدسة وإيقاع العقوبات النظامية بحقه وفق اللوائح المعلنة والمنشورة بصفة رسمية. كما شدد على أن النظام لا يعفي أي فرد أو منشأة ساهمت أو حاولت نقل أو مساعدة أي شخص في دخول المناطق الجغرافية المقدسة دون التأكد من استكمال مستنداته النظامية وتصاريحه الرسمية.
وأضاف أن هذه التنظيمات والتعليمات وما يتبعها من حزم في التنفيذ، لم تأت من فراغ، بل جاءت نتيجة تجارب سابقة ورصد دقيق لمخالفات وتجاوزات أثرت سلبًا على جودة بعض الخدمات المقدمة خلال مواسم ماضية.
وأشار إلى أن الجهات الرسمية لا ترضى إلا بأعلى المستويات في تقديم الخدمات الأمنية والصحية والحيوية والتنظيمية لضيوف الرحمن، بما يليق بمقامهم، وبشرف الزمان، وقداسة المكان
0 تعليق