يشكل الفيلم الإيطالي "الطريق" للمخرج الكبير فيديريكو فيلليني، الذي تعرضه لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان يوم غد الثلاثاء في تمام الساعة السادسة والنصف مساء، في مقر المؤسسة، واحدا من العلامات البارزة في تاريخ السينما العالمية، من حيث موضوعه وأسلوبه الإخراجي والأداء التمثيلي المذهل لبطليه الرئيسيين الممثل أنطوني كوين والممثلة جولييتا ماسينا. وهو الفيلم الذي وضع مخرجه الشاب آنذاك في مصاف كبار مخرجي العالم .
ويقدم الفيلم قصة الفلاحة الصبية الفقيرة جيلوسمينا، وهي فتاة ساذجة، تبيعها عائلتها إلى زمبانو وهو رجل فظ الطباع، سكير، يجوب القرى بعربته ويقدم عروضا استعراضية لقوته في الشوارع. وكانت شقيقة جيلوسيما تعمل مساعدة له في استعراض الشوارع قبل أن تلاقي حتفها.
منذ البداية يضعنا فيلليني أمام تناقض الشخصيتين، الصبية البلهاء البريئة والرجل القوي الفظ عديم الأخلاق، والذي يبدو من خلال تصرفاته معها أقرب إلى الوحش البشري. تجوب جيلوسيما في أرجاء إيطاليا برفقته متحملة تعذيبه لها في محاولة منه لجعلها تتقن عملها كمساعدة له ويحاول إجبارها على ممارسة السرقة، إضافة إلى أنه يتركها تنام في الشارع في انتظار عودته من الحانات. وهي تتحمل كل ذلك منه لأنه لا يوجد من تلجأ إليه وهو معيلها الوحيد. وشيئا فشيئا، ورغم كل معاملته السيئة، تجد نفسها واقعة في غرامه وتبدأ مشاعر الغيرة تسيطر عليها بسبب علاقاته النسائية. وهكذا تهرب منه، لكنها تضطر للعودة. وإثر مشاجرة يقوم بها زمبانو تنتهي بقتله أحد الرجال، ويتم اعتقاله. وهكذا تبقى جيلوسيما وحيدة تعاني العذاب حتى نهاية حياتها المأساوية .
كان فيلم "الطريق" نتاج مرحلة الواقعية الإيطالية الجديدة التي أصبحت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أشهر المدارس السينمائية في العالم، ومن أهم ميزاتها الفكرية طرح الموضوعات الاجتماعية الحادة وكشف معاناة فقراء الناس ومصائرهم المعقدة، وكان من أهم ميزاتها الفنية التصوير خارج الأستوديو في الأماكن الحقيقية والاعتماد على ممثلين غير محترفين والواقعية شبه التسجيلية.
يتضمن الفيلم العديد من المشاهد المؤثرة مثل مشهد البداية حيث تباع الفتاة مقابل وجبة بيتزا، ومشاهد التجول في قرى إيطاليا الفقيرة، ومشهد حفلة الزواج في إحدى القرى.
يعود إنتاج الفيلم المصور بالأبيض والأسود إلى عام 1954، وعلى الرغم من المدة الزمنية التي تفصلنا عنه، إلا أنه يظل محتفظا بحيويته وتأثيره على النفس نتيجة عمق تحليله للوضع القاسي الذي تعيش فيه المرأة ضمن ظروف اجتماعية متخلفة.
0 تعليق