الوضع بحاجة إلى قسطرة ! - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الوضع بحاجة إلى قسطرة ! - عرب فايف, اليوم الاثنين 28 أبريل 2025 12:25 صباحاً

قابلت صديقاً قديماً لم أكن قد التقيته منذ فترة ليست بالقصيرة. مشاغل الدنيا وظروف الحياة حالت دون التواصل مع أحد أصدقاء المرحلة الدراسية. أصبح الرجل أحد أنجح أطباء القلب، وباتت له سمعة عطرة في مجاله جعلته مصدر فخر واعتزاز لدائرة معارفه التي أنا واحد منها بكل افتخار. تناولنا القهوة في أحد مقاهي المدينة وكانت ليلة تحمل نسائم باردة ومفاجئة على غير المتوقع في هذا الوقت تحديداً من السنة. وبعد تبادل المواضيع التقليدية عن الصحة والأولاد والعمل والطقس والأصحاب، سألني الصديق الطبيب وهو يضحك قائلاً: «لا يمكن أن تكون معي الآن ولا أسألك عن الذي يحصل في العالم هذه الأيام، أرجوك اشرح لي».

قلت له سأبدل الأدوار معك وأتقمص دور طبيب القلب، نظر إلي بتعجب، فقلت له اصبر حتى أنتهي، وواصلت حديثي بقولي إن شرايين اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية قد وصلت إلى مرحلة خطيرة جداً من الانسداد نتيجة كوليسترول الدَّين العام، الذي يتسبب فيه بشكل أساسي العجز المستمر والمتراكم الذي يشكله التبادل التجاري مع مختلف دول العالم، وأهمها بطبيعة الحال الصين.

واستمرار هذا الانسداد سيوصل الولايات المتحدة الأمريكية إلى مرحلة السكتة القلبية، أي الإفلاس التام؛ لأن ذلك هو مجرد مسألة وقت. ولذلك يحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقديم مجموعة من العلاجات المختلفة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. فهو كلف صديقه رجل الأعمال الأمريكي الشهير إيلون ماسك باتخاذ إجراءات عنيفة وقياسية وفورية غير مسبوقة لتخفيف الترهل من جسد الحكومة الأمريكية لتخفيض الموظفين والتكلفة والهدر، وهي مهمة غير مسبوقة.

وبالإضافة إلى ما سبق ذكره، يقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسلسلة من الصدمات الكهربائية العنيفة جداً لإنعاش القلب الاقتصادي عبر مجموعة غير مسبوقة من القرارات الرئاسية التنفيذية الفورية التي لها أبعاد حمائية للمصلحة الاقتصادية الأمريكية، ولكنها تتسبب في تداعيات هائلة على ساحات الأسواق المالية والتجارية الدولية.

كل هذه الإجراءات هي بلغة طب القلب قسطرة عاجلة جداً لقلب دخل قسم الطوارئ ولا بد من التعامل معه على هذا الأساس. انسداد شرايين القلب الاقتصادي لأمريكا -بحسب ترامب- هو الذي جعل الصناعة تخرج منها لصالح الصين ودول أخرى، وهو الذي جعلها تفقد الريادة في تقنية الهاتف المحمول، والسكك الحديدية السريعة والمتطورة، والسيارات الكهربائية، والطاقات البديلة، والبنية التحتية المتطورة.

هز صديقي رأسه وهو يتابع الموضوع وكأنه يطمئنني بأنه بدأ يفهم الصورة الكبيرة، وقاطعني بقوله «ولكن في طب القلوب القسطرة ليست إلا حلاً سريعاً وأولياً إذا ما فشلت حلول غير جراحية كالأدوية والرياضة ونظام الأكل، بعد ذلك هناك جراحة قلب مفتوح وتغيير للشرايين والصمامات أو حتى تغيير القلب نفسه». ابتسمت له وقلت في هذه الحالة يتم اللجوء إلى الحل الكبير، حرب كبرى تشغل المصانع وتوجه الأموال إلى «وجهة أخرى أهم» وهو تماماً ما حصل بعد الكساد الاقتصادي الكبير في الولايات المتحدة الأمريكية في بداية الثلاثينات الميلادية من القرن الماضي، وتلت ذلك الحرب العالمية الثانية التي تبعتها فترة رخاء وانتعاش اقتصادي غير مسبوق.

هل تنجح القسطرة في تغيير وضع الاقتصاد الأمريكي أم سيعض العالم على أصابعه ترقباً وقلقاً من تبعيات مرحلة عملية القلب المفتوح؟

أخبار ذات صلة

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق