نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بشارات البترول.. بين «المؤسس» و«الحفيد» - عرب فايف, اليوم الاثنين 28 أبريل 2025 12:25 صباحاً
فن الإدارة، ولوازم القيادة، ملكات يختص الله بها بعض العباد دون بعض، ويمنحهم كفاء هذا مقدرات وسمات تسم ذواتهم بالهيبة، وتكلل هاماتهم بالقبول، وتضع لهم في قلوب الناس محبة الطاعة والرضا.
ولا أجد في سطور التاريخ الإنساني المعاصر مثلاً يساق للتدليل على نعم الثروات الموهوبة، المقرونة بحسن التدبير والتصرف الأليق غير ما حدث في تاريخ مملكتنا الفتية، فسيرة المؤسس -طيّب الله ثراه-، تحكي عن قائد بعد أن أرسى القواعد عقب معركة التوحيد الخالدة، انطلق راشداً في مسيرة البناء والتعمير، بنظر ثاقب يرنو إلى آفاق بعيدة، مسخراً ما حبا الله به هذه البلاد من خيرات، فكانت أولى البشارات اكتشاف النفط في عام 1933م، وتلك ملحمة موثقة السطور، تحتشد بما دار من مفاوضات شاقة، ومنافسة شديدة بين الإنجليز والأمريكان للحصول على حقوق التنقيب في أراضي المملكة، وما تمخض عنه اجتماع المؤسس مع مستشاريه في شهر مايو 1933م، بمكة المكرمة، لسماع بنود الاتفاقية التي توصل إليها الوزير عبدالله السليمان مع شركة سوكال، الذي راح يقرأ بنودها بنبرة عميقة تضمنت حقوق تفضيلية في المناطق المحايدة، على أن يبدأ العمل خلال أشهر أربعة من بعد التوقيع، مع إقامة مصفاة محلية مع إعفاءات ضريبية وجمركية، وثّق لها المؤلف روبرت ليسي في كتابه «المملكة من الداخل» بالقول: «.. وهكذا انتهى فصل الصدف السعيدة واستلم وزير مالية المؤسس أول دفعة من ثمن امتياز البترول 35,000 جنيه ذهبي للبئر رقم 7، بئر الخير والذي قاد المملكة لتصبح من أكبر منتجي ومصدري النفط حول العالم».
إن المتأمل للنهضة العظيمة التي شهدتها المملكة عقب اكتشاف البترول، وتطور عجلة النمو الاقتصادي، المقترن بالنفوذ السياسي، يدرك تماماً ماهية العقل القيادي الذي يعرف كيف يسخر الإمكانات لصالح الدولة والشعب، ويجعل من همه وهمته المرتكز لرفعة وطنه، وسعادة بنيه ورفاهيتهم، وهو ما تجسّد في سيرة ومسيرة الملك المؤسس وأبنائه الأماجد من بعده، الذين أرسوا على كافة الحقب والسنوات قواعد شامخة، وأسساً اقتصادية أينعت وأثمرت وآتت أكلها بما نعيشه اليوم من رغد العيش وهنيّه.
ونحن اليوم في عهد سلمان الحزم والعزم، وولي عهده الأمين، مفجر الرؤية، وقائد مسيرة النهضة الحديثة، نشهد عهداً بلغ الغايات السامية بفتح آفاق جديدة، وتغيرات دراماتيكية في ساحة الاقتصاد السعودي، غيّرت من السائد فيه، وفجّرت طاقاته، مقترناً ذلك بتوالي النعم والخيرات بحمد الله وفضله. فها هو وزير الطاقة حفيد المؤسس الأمير عبدالعزيز بن سلمان، يعلن للدنيا اكتشاف (14) موقعاً جديداً لحقول ومكامن الزيت العربي والغاز الطبيعي في المنطقة الشرقية والربع الخالي، تمثلت في (6) حقول ومكمنين للزيت العربي، وحقلين وأربعة مكامن للغاز الطبيعي، بما عزّز امتلاك المملكة لاحتياطيات هيدروكربونية غنية توسّع نطاق ريادتها في قطاع الطاقة العالمي.
وقد ساق لنا الأمير عبدالعزيز بشارة عظيمة أن الاكتشافات الأخيرة تفتح آفاقاً جديدة للتنمية الاقتصادية، وتدعم قدرة المملكة على تلبية الطلب المحلي والعالمي على الطاقة بكفاءة واستدامة لعقود قادمة.
كما تسهم في ضمان استدامة النمو الاقتصادي، بما يتماشى مع رؤية 2030 وأهداف البلاد الطموحة لتعظيم الاستفادة من مواردها الطبيعية وتعزيز أمن الطاقة العالمي.
إن هذا الاكتشاف الجديد يجعلنا على يقين بأن مملكتنا ماضية بحسن تدبير قيادتها الرشيدة إلى استغلاله فيما يعود على الوطن بالنفع والخير الكثير، قياساً على ما مضي، وما هو معاش ومشاهد، ومدرك للعيان، فمنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم والمملكة تسخر عائدات البترول والغاز لتطوير الوطن وتعزيز قدراته ومنح التنمية للسهل والجبل والقرية والمدينة.
اهتمت بعمارة الحرمين الشريفين، وكنت شاهداً على صرف خمسة مليارات ريال من عائدات النفط على عمارة المسجد الحرام في عهد الملك فهد رحمه الله، كما اهتمت الدولة بإرسال البعثات الدراسية إلى مشارق الأرض ومغاربها للتحصيل العلمي والدراسي. وقد تعاقب أبناء المؤسس على صرف عائدات البترول والغاز على تنمية الوطن، بمصافٍ بترولية بلغت تسع مصافٍ محلية، ومعامل غاز ضخمة، وخطوط أنابيب ممتدة عبر المملكة، وفرص بحرية قائمة للتصدير، وشواهد بترولية ضخمة ارتفعت في سماء الوطن. شاركت العالم بتضميد جراحه إثر الكوارث والنكبات بالوقوف إلى جانب الشعوب المنكوبة، عبر إرساليات الإغاثة بما خفف عنها مصابها.
سخرت المملكة كل هذه العوائد لبناء الدولة وعمارة الوطن وتنميته وتعليم أبنائه، ولم توجهها لخراب العالم ودماره والتدخل في شؤون الآخرين وإنشاء الأذرع المسلحة لبث الفتن والقلاقل بين شعوب الأرض، كما تفعل بعض الكيانات التي تعبث بمقدرات شعوبها وثرواتها..
تشهد المملكة العربية السعودية في هذا العهد الزاهر قفزات نوعية جعلتها تتصدر المشهد الدولي في مختلف المجالات، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية والرياضية.
لم يعد يُنظر إلى السعودية باعتبارها مجرد قوة إقليمية فحسب، بل باتت لاعباً دولياً أساسياً في صياغة مستقبل العالم، بما في ذلك حل النزاعات السياسية واستضافة المنافسات الثقافية والرياضية الكبرى.
كما شهدت السعودية تحولات جذرية عززت مكانتها في الساحة الدولية. ولم تعد القضايا العالمية الكبرى تُناقش دون الأخذ برأي السعودية، سواء فيما يخص الأوضاع في الشرق الأوسط أو حتى الصراعات الدولية الكبرى مثل الحرب الروسية الأوكرانية والتوترات بين القوى العظمى.
ليس أمامنا بوصفنا شعباً آمن بقيادته وحكمتها، وما نحن عليه اليوم، إلا تقديم كل الشكر والتقدير لهذه القيادة الواعية الحكيمة، حامدين الله على نعمه وما نحن فيه.
نبارك لسمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان الثقة الملكية الغالية بتعيينه رئيساً لمجلس أمناء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية «كاوست»، فمثله قمين بأكاليل الوفاء وجدير بتيجان التقدير.
أخبار ذات صلة
0 تعليق