نقش أرني سلوت اسمه في سجلات كرة القدم الإنجليزية بوصفه أول مدربٍ هولندي يحقق لقب الدوري الممتاز «البريميرليج» حيث قاد فريق ليفربول الأول لكرة القدم إلى حصد اللقب العشرين في تاريخه، الأحد، ومعادلة الرقم القياسي لمانشستر يونايتد.
هذا الإنجاز التاريخي، لم يكن مجرد تتويجٍ باللقب فقط، بل وقصة صعودٍ استثنائي أيضًا لمدربٍ هادئ وطموحٍ، تحدَّى الشكوك، وخلفَ الأسطورة يورجن كلوب، ليثبت أن الفلسفة الهولندية يمكن أن تسيطر على واحدةٍ من أقوى البطولات في العالم.
وبفوزه باللقب، أصبح سلوت أول مدربٍ هولندي يحقق بطولة الدوري الإنجليزي متفوقًا على أسماءٍ مثل لويس فان جال، وجوس هيدينك، وإريك تين هاج، الذين فشلوا في تحقيق هذا الإنجاز.
وُلِدَ أرند «أرني» سلوت في 17 سبتمبر 1978 في قرية بيرخنتهايم الهولندية الصغيرة، وهي بلدةٌ ريفيةٌ هادئةٌ، لا يتجاوز عدد سكانها 2500 نسمة، ونشأ في عائلةٍ متواضعةٍ حيث كان والده، أرند، مدرسًا ومدربًا لكرة القدم في نادي بيرخنتهايم المحلي.
وتأثر سلوت بشغف والده وانضباطه، ما شكَّل شخصيته بوصفه مدربًا لاحقًا. أما كلاعبٍ فقد لعب أرني وسطَ ميدانٍ هجوميًّا في أنديةٍ عدة، منها زفوله، وبريدا، لكنه لم يصل إلى مستويات النخبة بسبب إصاباتٍ متكررةٍ.
مع ذلك، عُرِفَ برؤيته التكتيكية، إذ كان يناقش التشكيلات مع زملائه في غرف الملابس، وهو ما أشار إليه زميله السابق ريك أوجستين.
وبدأ سلوت مسيرته التدريبية عامَ 2013 مدربًا لفريق الشباب في زفوله، ثم مساعدًا في كامبور، وألكمار.
وفي 2019، تولى أرني تدريب ألكمار، وقاده إلى صدارة الدوري الهولندي بالتساوي مع أياكس قبل إلغاء الموسم بسبب جائحة كورونا. وبحلول عام 2021، انتقل إلى فينورد، وحقق معه إنجازاتٍ مذهلةً، بما في ذلك الوصول إلى نهائي دوري المؤتمر الأوروبي في 2022، والفوز بالدوري الهولندي 2022ـ2023، وكأس هولندا 2024، وجعلته هذه النجاحات مرشحًا مثاليًّا لتولي قيادة ليفربول.
وعندما أعلن النادي الإنجليزي، في مايو 2024، تعيين سلوت خلفًا ليورجن كلوب، الذي قاد «الريدز» للقب الدوري عام 2020، ودوري أبطال أوروبا في 2019، واجه المدرب الهولندي موجةً من التشكيك.
وافتتح سلوت موسمه مع ليفربول بفوز 2ـ0 على إيبسويتش تاون، 17 أغسطس 2024، ليصبح أول مدرب للنادي منذ جيرار أولييه يفوز بمباراته الافتتاحية. وتبعه فوز تاريخي 3ـ0 على مانشستر يونايتد في أولد ترافورد، ليصبح ثاني مدربٍ في تاريخ النادي يحقق هذا الإنجاز بعد جورج كاي.
وبحلول أكتوبر 2024، فاز ليفربول في عشرٍ من مبارياته الـ 11 في جميع المسابقات، محققًا انطلاقةً قياسيةً مع مدربه الجديد.
وفي نوفمبر 2024، قاد سلوت ليفربول إلى الفوز 2ـ0 على ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا منهيًا 15 عامًا من عدم الفوز على النادي الإسباني. كذلك تصدر الفريق الدوري الممتاز بفارق ثماني نقاطٍ بحلول ديسمبر، إلى جانب حصد أرني جائزة مدرب الشهر مرتين متتاليتين.
وعلى الرغم من خسارة نهائي كأس الرابطة 2025 أمام نيوكاسل 1ـ2 إلا أن الفريق حافظ على زخمه مدعومًا بتألق محمد صلاح، وكودي جاكبو، وريان جرافنبيرخ الذي أصبح ركيزة في الوسط. في حين، أضاف فيرجيل فان دايك، قائد الفريق، بُعدًا رمزيًا بوصفه أول هولندي يرفع لقب الدوري قائدًا.
أرني سلوت لم يحقق لقب الدوري فحسب، بل وأعاد أيضًا تعريف مكانة المدربين الهولنديين في إنجلترا، وحوَّل بهدوئه، وذكائه التكتيكي، وإيمانه بفريقه الشكوك إلى إعجابٍ، وأصبح رمزًا جديدًا في أنفيلد.