تُعرف مدينة عمان بكثرة الدواوير التي أصبحت جزءاً من طابعها العمراني. لكن، بدل أن تساهم هذه التصاميم في تسهيل الحركة المرورية، باتت ساحة يومية لمعركة الأنانية المرورية التي تحكمها سلوكيات السائقين غير المنضبطة، ما يزيد من معاناة المواطنين ويخلق أزمات متكررة.
الدخول والخروج من الدوار في عمان ليس مجرد مهمة تنقل، بل تحدٍ يتطلب من السائق مهارات استثنائية للتعامل مع الأنانية المتفشية. غياب الالتزام بالقواعد المرورية واندفاع كل سائق لتحقيق مصلحته الشخصية على حساب الآخرين يجعل من هذه الدواوير نقاط اشتباك مروري مستمر.
قد يقول البعض إن المشكلة تكمن في تصميم الدواوير، لكن الحقيقة أكثر تعقيداً. أمانة عمان بذلت جهوداً لتحسين الوضع، حيث تم إنشاء أنفاق أسفل وفوق بعض الدواوير ووضعت إشارات ضوئية على أخرى، إلا أن المشكلة لم تُحل. لماذا؟ لأن المشكلة في جوهرها ليست هندسية، بل اجتماعية وثقافية تتعلق بسلوكيات السائقين.
السائق الأردني يعاني في كثير من الأحيان من نقص في ثقافة القيادة التي تقوم على احترام القواعد والآخرين. من التسرع إلى العناد، ومن الرغبة في "الفوز" بالدخول إلى الدوار أولاً بأي ثمن، تعكس هذه السلوكيات فردانية طاغية تضع المصلحة الشخصية فوق أي اعتبار آخر.
تداعيات الأنانية المرورية
إهدار الوقت: بدلاً من تسهيل الحركة، تتحول الدواوير إلى عقد مرورية تؤدي إلى تأخير وإحباط السائقين.
زيادة التوتر النفسي: الفوضى الناتجة عن غياب الالتزام بالقواعد تخلق بيئة عدائية تضغط على أعصاب الجميع.
خسائر مادية وبشرية: الحوادث الناتجة عن هذه السلوكيات تُكلف الأفراد والمجتمع خسائر لا يستهان بها.
كيف نخرج من معركة الدواوير؟
رغم الجهود المبذولة لتحسين البنية التحتية، يبقى الحل الأساسي مرتبطاً بتغيير ثقافة السائقين وتعزيز قيم التعاون والاحترام المتبادل على الطرق.
التوعية المستمرة:
إطلاق حملات إعلامية فعالة توضح مخاطر الأنانية المرورية وأهمية الالتزام بالنظام.
التركيز على بناء ثقافة مرورية جديدة عبر المناهج التعليمية والبرامج الإعلامية.
الرقابة الصارمة:
تطبيق قوانين المرور بحزم وفرض غرامات رادعة على المخالفين.
تكثيف الرقابة على النقاط المرورية الحرجة، خصوصاً في أوقات الذروة.
تطوير مستمر للبنية التحتية:
دراسة جدوى إنشاء المزيد من الأنفاق والجسور تحت أو فوق الدواوير الرئيسية لتقليل الازدحام.
تحسين التصميمات الحالية لتتناسب مع الكثافة المرورية المتزايدة.
الخلاصة
الدواوير في عمان ليست المشكلة بحد ذاتها، بل المشكلة في الثقافة المرورية السائدة.
الطريق ليس ساحة صراع، بل مساحة للتعاون المشترك. الحل يبدأ من كل فرد، بإدراكه أن الالتزام بالقواعد ليس ضعفاً بل سلوكاً حضارياً يحمي الجميع.
أمانة عمان وضعت حلولاً هندسية، لكن يبقى التغيير الحقيقي رهناً بتغيير ثقافة القيادة. لننطلق معاً نحو شوارع أكثر أماناً وتنظيماً.
.
0 تعليق