نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بلطجة سياسية جديدة.. ترامب يسقط من ذاكرة التاريخ على أبواب السويس وبنما - عرب فايف, اليوم الأحد 27 أبريل 2025 09:35 صباحاً
في زمن تصاعد الشعبوية السياسية وتحول البلطجة إلى نهج دولي، يخرج دونالد ترامب بتصريحات فجة تدعو إلى عبور السفن الأميركية قناتي السويس وبنما مجانًا، في سقوط مدوٍّ عن فهم التاريخ والسيادة الدولية، تصريحات تعيد إلى الأذهان أسوأ حقب الاستعمار القديم، وتكشف وجه الإمبريالية الجديدة بلا أقنعة. في هذا المقال، يتم تسليط الضوء على هذه السقطة التاريخية، ناقدًا بحدة سياسة الهيمنة الجديدة في عالم فقد توازنه.
في واحدة من أسوأ سقطاته السياسية، فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب العالم بتصريح يدعو إلى السماح للسفن العسكرية والتجارية الأميركية بالمرور مجانًا عبر قناتي السويس وبنما، في تجاهل فجّ ليس فقط للسيادة الوطنية للدول، بل وللحقائق التاريخية التي لا يملك ترامب أدنى دراية بها.
ترامب الذي كلّف وزير خارجيته بهذا الملف، بدا كمن سقط من صفحات التاريخ، متصورًا أن العالم لا يزال محكومًا بسياسة 'المدافع والبوارج.
ترامب الذي اعتقد أن منطق القوة وحده قادر على إعادة تشكيل موازين العالم، لا يعي أن هذه السياسات قد عفا عليها الزمن، تصريحاته كشفت عن عمق الأزمة الأخلاقية والسياسية التي تعيشها الشعبوية السياسية اليوم، حيث تحكم العالم مفاهيم جديدة، لا تختلف كثيرًا عن قانون الغاب، تصريحات ترامب لم تكن مجرد زلة لسان، بل تجسيد لمنهجية سياسية خطيرة تعيد إنتاج منطق الاستعمار بثوب أكثر قبحًا.
حين كانت الإمبراطوريتان الفرنسية والبريطانية تتنازعان النفوذ أثناء حفر قناة السويس في القرن التاسع عشر، لم يكن للولايات المتحدة دور يذكر سوى المشاهدة من بعيد.أما اليوم، فقد أصبحت واشنطن، بقيادة أصوات مثل ترامب، تسعى لإحياء نزعة "الإمبريالية الجديدة"، تفرض الضرائب والإتاوات، وتتعامل مع الممرات الدولية كما لو كانت ملكية خاصة تخضع لمزاج السادة الجدد.
في عالم فقد إيقاع احترام سيادة الدول، وسقطت فيه معايير النظام الدولي القديم، يظهر ترامب كرمز لهذه الحقبة المظلمة.
إن ترامب، في محاولته التسلط على الممرات البحرية العالمية، قد تجاهل تمامًا القيم التي قامت عليها منظومة العلاقات الدولية الحديثة. التصريحات التي خرجت عن الإدارة الأميركية لم تكن مجرد خطأ دبلوماسي، بل تجسيد للهيمنة المطلقة التي تروج لها الأنظمة الشعبوية، تلك التي تظن أن القوة العسكرية يمكن أن تحل مكان الدبلوماسية، وأن ابتزاز الدول هو الحل في عصر العولمة.
سياسة الإدارة الأميركية الجديدة لم تعد تكتفي بفرض الضرائب والرسوم، بل تجاوزتها إلى فرض الإتاوات على الدول.
إن تصريحات ترامب، رغم كل سذاجتها الظاهرة، تكشف عن عقلية سلطوية غائبة عن التقدير السليم لحقوق السيادة الوطنية، وتكاد أن تعيد العالم إلى زمن "البلطجة السياسية" حيث يتم فرض التوازن بالقوة والعنف، وتطوى صفحات الأعراف الدولية.
التاريخ لا يرحم، فكما سقطت قوى غطرسة سابقة تحت وطأة الشعوب، سيسقط هذا النمط من البلطجة مهما طال الزمن. "لكن التاريخ لا يرحم. فكما سقطت قوى غطرسة سابقة تحت وطأة الشعوب، سيسقط هذا النمط من البلطجة مهما طال الزمن." تصريحات ترامب ليست مجرد سقطة فردية، بل نذير بانفجار قادم في النظام العالمي، ستدفع ثمنه القوى التي تحسب أن العالم صامت إلى الأبد.
في زمن تصاعد الشعبوية السياسية، أصبحت البلطجة السياسية سيدة الموقف، والأمر الواقع يتم فرضه بالقوة.
نهايةً، تصرفات ترامب تضعنا أمام سؤال جوهري: هل نحن أمام بداية حقبة جديدة من التسلط الدولي تحت مسميات "الحماية" و"المصالح المشتركة"، أم أن هذا النوع من البلطجة السياسية سيواجه معارضة قوية من القوى التي تؤمن بحق الشعوب في تقرير مصيرها وفي احترام سيادتها؟
0 تعليق