نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ما بين العطاء و الإكتناز - عرب فايف, اليوم السبت 14 ديسمبر 2024 08:06 مساءً
قال تعالى “لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ”
تتجاوز هذه الآية الكريمة حدود الإنفاق المادي لتغوص في فلسفة العطاء بمعناه الأعمق والأشمل. فهي دعوة ربانية إلى تحرير النفس من قيود الأنانية والتعلق بالماديات، والانطلاق نحو أفق أرحب من الإيثار والتضحية.
حين يأمرنا الله أن ننفق مما نحب، فإن ذلك يشمل المال بطبيعة الحال، لكنه لا يقتصر عليه. فالحب ليس مقتصرًا على الممتلكات، بل يتعداه إلى كل ما نمسك به ونجد فيه راحتنا. أن تنفق مما تحب يعني أن تمنح وقتك الثمين للآخرين، أن تقف بجانبهم في أوقات الحاجة حتى وإن كنت مرهقًا، أن تهب عطفك وحنانك لمن يحتاج إلى الكلمة الطيبة أو الحضن الدافئ، وأن تبذل عزيمتك وطاقتك في سبيل تحقيق الخير والصلاح.
هذا الإنفاق، مهما كان نوعه، يمثل اختبارًا للنفس البشرية: هل تستطيع أن تقدم ما هو عزيز عليها لتحقيق غاية أسمى؟ أن تخرج من منطقة راحتك لتضيء حياة الآخرين؟
واللافت أن الآية لا تعدنا بالبر إلا عند إنفاق ما نحبه، لأن في ذلك ترويضًا للنفس وتحريرًا لها من التعلق الزائف. إنها دعوة لأن تكون علاقتنا بالمحبة علاقة عطاء لا اكتناز، علاقة تمنحنا شعورًا أعمق بالرضا والسلام الداخلي.
فالبر، في جوهره، ليس مجرد هدف خارجي، بل هو حالة من الصفاء والسمو تتولد حينما نرتقي على ذواتنا ونستجيب لنداء الإحسان بكل أشكاله. ومن هنا نفهم أن العطاء ليس عبئًا، بل طريقًا إلى السعادة الحقيقية، لأن ما ننفقه حبًا يعود إلينا أضعافًا مضاعفة، ليس في الدنيا فقط، بل في رضوان الله و عطائه الذي لا ينفد.
للتواصل مع الكاتب
[email protected]
منصة X
Omartayeb91@
0 تعليق