خيط حياة «1».. تحقيق مدعوم بالبيانات يرصد عدد وحياة وتكلفة اللاجئين في مصر - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
خيط حياة «1».. تحقيق مدعوم بالبيانات يرصد عدد وحياة وتكلفة اللاجئين في مصر - عرب فايف, اليوم السبت 14 ديسمبر 2024 02:25 مساءً

circular_images_side_by_side_swapped
 

»» أرقام المنظمات الدولية أقل 12 ضعفا من العدد الحقيقى لضيوف مصر.. والسبب اختلاف منهجيات التصنيف

»» مصر أكبر دولة مستضيفة للاجئين فى المنطقة.. نحو 12 مليون شخص من 133 دولة منهم 4 ملايين سودانى و1.5 مليون سورى
»» تكلفة استضافة كل لاجئ نحو 2000 دولار سنويا والإجمالى 24 مليارا.. والتمركز فى 7 محافظات رئيسية أبرزها القاهرة والجيزة
»» الزيادة الشهرية لأعداد اللاجئين السودانيين فى مصر تقدر بنحو 30 ألف شخص شهريا.. ونسبة الارتفاع 500% منذ بداية الصراع

»» 1.2 مليون سودانى لجأوا إلى مصر منذ بداية الصراع فى أبريل 2023 فقط 
»» مصر تستضيف 17% من اللاجئين عالميا.. 80% منهم ينتمون إلى السودان وسوريا واليمن وليبيا

»» مشروع قانون لجوء الأجانب فى مصر يحمي حقوقهم وفقا للمواثيق الدولية ويضمن لهم الحماية والرعاية

»» القاهرة تساوي في الخدمات الحكومية.. الأمن والعدالة والصحة والتعليم وبرامج الحماية الاجتماعية واحدة للجميع

 

فى قلب العالم العربى، وعلى مرمى حجر من ثلاث قارات، تبرز مصر كمحور جذب ليس فقط للسياح والمستثمرين، بل للمهاجرين أيضا، على مر العصور، كانت القاهرة ملتقى للحضارات، ومنارة للباحثين عن الأمان والاستقرار، ووجهة حيوية لكل من ضاقت به السبل فى بلاده.

منذ العصور القديمة، كانت ملاذا للعديد من الشخصيات التاريخية، فى الكتب المقدسة لجأ النبى إبراهيم إلى مصر بسبب المجاعة والقحط فى أرض كنعان، وكذلك النبى يعقوب وأبناؤه الأسباط، وكان لها دور كبير فى استضافة العذراء مريم وابنها المسيح حينما هربا من طاغية هيرودس الذى كان يعتقد أن المسيح هو الملك الموعود الذى سيقضى على حكمه.

 

أما فى العصر الحديث، فقد شهدت مصر مع بداية القرن العشرين تحولا فى اللجوء السياسى، ففى 1917، لجأ أحد أفراد العائلة المالكة الروسية إلى مصر بعد الثورة الشيوعية، وطلب اللجوء فى عهد السلطان حسين كامل.

 

لجأ إليها ملوك وزعماء، مثل الملك أحمد زوغو من ألبانيا، بسبب الاحتلال الإيطالى، والملك بطرس الثانى آخر ملوك يوغسلافيا، وكذلك قسطنطين الثانى آخر ملوك اليونان، ولم تقتصر مصر على استقبال الملوك فقط، بل استضافت أيضا العديد من المناضلين والسياسيين، فضلا عن الأدباء والفنانين من مختلف أنحاء العالم العربى، إلى جانب العديد من المواطنين العاديين الهاربين من الأنظمة القمعية.

 

اليوم، تستضيف مصر بين 9 و10 ملايين لاجئ من أكثر من 133 دولة، ما يعكس جاذبيتها فى زمن تكتنفه الأزمات، هؤلاء الملايين الباحثون عن الأمان وفرص الحياة الكريمة، لا يضيفون فقط إلى نسيجها السكانى، بل يساهمون أيضا فى تشكيل ملامح جديدة لاقتصادها ومجتمعها، لتصبح مصر بذلك أرضا تحتضن التنوع، وتواجه تحديات جديدة بحكم دورها المتزايد كحاضنة للهجرة فى المنطقة.

 

لاجئون في مقر المفوضية

 

تشير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين دائما فى بياناتها الدورية إلى عدد قليل من اللاجئين وتعتمد فى أرقامها فقط على اللاجئين وطالبى اللجوء المسجلين لديها، وهم الذين يحصلون على دعم مباشر من برامجها المختلفة، مثل المساعدات المالية والغذائية والصحية والتعليمية، وفى المقابل تعتمد الحكومة المصرية على أرقام أوسع تشمل جميع اللاجئين والمهاجرين فى البلاد، سواء كانوا مسجلين لدى المفوضية أو غير مسجلين.

 

هذا الفارق فى منهجية الإحصاء يفسر التباين الكبير بين أرقام المفوضية، التى تشير إلى نحو 800 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجل، وبين تقديرات الحكومة المصرية التى تشير إلى وجود أكثر من 10 ملايين، تتعامل معهم ككل دون تمييز بين المسجلين وغير المسجلين، وتقدم لهم تسهيلات وخدمات متعددة على أراضيها.

 

انطلقنا فى تحقيقنا من بيان نشر فى 8 يناير 2024، لرئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولى، الذى طالب خلاله الحكومة بالتدقيق فى أعداد اللاجئين، وحصر وتجميع ما تتحمله الدولة مقابل خدمات تقدمها فى مختلف القطاعات، مشددا على ضرورة توثيق مختلف جهود الدولة لرعاية هذه الملايين.

 

ومع صعوبة وجود رقم محدد لعدد المهاجرين إلى مصر، حاولنا من خلال قضيتنا المدفوعة بالبيانات، إنشاء قاعدة بيانات واضحة لعدد اللاجئين فى مصر حتى نهاية 2024، واعتمدنا على مصادر متنوعة منها أرشيف المنظمة الدولية للهجرة فى مصر، وتقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين مصر الشهرية، وتقارير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء السنوية، ومصفوفة النزوح إلى مصر، ومختبر البيانات العالمى، وبحثنا عن الأسباب الرئيسية للبقاء فى مصر بالنسبة للمهاجرين. 


اللاجئون في نظر المنظمات 
تقدر الحكومة المصرية، أعداد اللاجئين على أراضيها بين 9 و10 ملايين لاجئ على الأقل، من 133 دولة، أى أكثر 12 ضعفا من العدد المعلن من المفوضية شئون اللاجئين التى تواصلنا معها وذكرت أن القاهرة تستضيف نحو 820 ألف لاجئ وطالب لجوء، مع توضيح أن هؤلاء هم المسجلون فقط من 62 جنسية مختلفة، ومع نهاية 2023، أصبحت الجنسية السودانية الأكثر عددا، تليها الجنسية السورية، تليها أعداد أقل من جنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا واليمن والصومال والعراق.

 

chart visualization

مفوضية اللاجئين توضح أن البلدان الأكثر عددا من اللاجئين وطالبى اللجوء المسجلين لديها فى مصر، يتصدرها السودان 392 ألفا، سوريا 156 ألفا، جنوب السودان 43 ألفا، إريتريا 37 ألفا، اليمن 8.649 ألف، الصومال 8.411 ألف، والعراق 5.722 ألف.

 

وفندت المناطق السكنية الرئيسية للاجئین فى مصر فى بيانات أرسلتها لنا، بتصدر القاهرة بإجمالى 193.460 ألف، الجيزة 315.119 ألف، الإسكندرية 54.908 ألف، القليوبية 26.851 ألف، الشرقية 18.008 ألف، دمياط 10.462 ألف، الدقهلية 4.618 ألف، المنوفية 3.425 ألف، السويس 3.225 ألف، البحيرة 1.523 ألف، الغربية 1.472 ألف، الإسماعيلية 1.123، كفر الشيخ 812، وبورسعيد 310.

 

chart visualization

وتوضح المفوضية أنه منذ بداية الصراع فى السودان فى أبریل 2023 ارتفع عدد المسجلين كلاجئین لدى المفوضیة بمقدار 6 أضعاف، معظمھم من النساء والأطفال، لكن إجمالى السودانيين الفارين إلى مصر عددهم أكثر من 1.2 مليون، وهنا يتضح أن أرقام المفوضية أقل بكثير عن الأرقام الحقيقية فى نظر الحكومة المصرية، وهو ما أكدت عليه المنظمة الدولية للهجرة فى أحدث تقرير لها صدر فى أغسطس 2022، بأن أعداد المهاجرين الذين يعيشون فى مصر يقدر بـ9 ملايين شخص من 133 دولة.

 

وكان عدد المسجلين فى المفوضية من السودان فى أبريل 61 ألفا وارتفع العدد ليصل فى مايو إلى 64 ألفا، ويونيو 77 ألفا، ويوليو 91 ألفا وأغسطس 108 آلاف، وسبتمبر 126 ألفا، وأكتوبر 152 ألفا، ونوفمبر 181 ألفا، وديسمبر 208 آلاف، ويناير 2024 وصل 232 ألفا، وفبراير 267 ألفا، ومارس 295 ألفا، وأبريل 328 ألفا، وفى مايو وصل العدد إلى 367 ألفا.

chart visualization

 

​عدد اللاجئين السودانيين ارتفع بأكثر من 500% مقارنة بعددهم في إبريل 2023
أما المنظمة الدولية للهجرة تؤكد أن السودانيين يشكلون العدد الأكبر من اللاجئين بنحو 4 ملايين، يليهم السوريون 1.5 مليون، واليمنيون والليبيون بنحو مليون لكل منهما. 

 

تمثل الجنسيات الأربع 80% من المهاجرين المقيمين حاليا فى البلاد، وذلك وفقا لبيانات ديموغرافية مفصلة جمعناها بين يناير ويونيو 2022، وتوضح المنظمة أن البيانات المتعلقة بالمهاجرين غير النظاميين فى مصر تعانى من نقص كبير، وفى أغلب الأحيان تكون غير دقيقة، لكن العدد مرتفع عن ذلك.

 

وتأكيدا لفرضية الحكومة المصرية بشأن أعداد اللاجئين رصدنا فى مختبر البيانات العالمية، أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمصر، تلقت 183011 طلب لجوء فى 2023، جاءت معظمها من السودان وجنوب السودان وإريتريا، واتخذا قرارا فى 10425 طلبا فقط بشكل أولى، لتسجيلهم كلاجئين، وكانت الطلبات الأكثر نجاحا هى طلبات اللاجئين من اليمن، ومن أفغانستان، أما العدد الباقى فدخل البلاد بدون توصيف «لاجئ».

 

وطبقا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن إجمالى عدد السكان المصريين وفق آخر بيان صادر فى يونيو 2024، حوالى 107.785.100 لاجئ، وبناء على هذا العدد وتقدير المنظمة الدولية للهجرة المنقح لأعداد المهاجرين فى مصر، سيشكل المهاجرون نحو 8.7% من السكان المصريين.

 

تحليل بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، ووكالة الأونروا، ومركز رصد النزوح الداخلى «IDMC»، أكد أن عدد النازحين قسرا فى جميع أنحاء العالم حتى أكتوبر 2024 نحو 122.6 مليون شخص، منهم 37.9 مليون لاجئ و8 ملايين طالب لجوء و5.8 مليون يحتاجون لحماية، ووفقا لأرقام الجهات الحكومية الرسمية فى مصر والتى تؤكد احتضان أكثر من 9 ملايين، فقد يبلغ نسبة الضيوف بمصر نحو 17.4% من إجمالى اللاجئين حول العالم وحدها.

 

chart visualization

الأعداد أضعاف المعلن
تضاربت الأرقام حول عدد المهاجرين المقيمين فى مصر، إذ لا توجد إحصائيات رسمية شاملة، نظرا لأن أغلب هؤلاء يعيشون ويعملون خارج النظم الرسمية، لكن التقديرات التى حصلنا عليها منذ عام 2020 تشير إلى أن الأرقام ربما وصلت إلى 12 مليون لاجئ أو أكثر، وربما تتخطى الأرقام ذلك بمئات الآلاف، مدفوعة بكثير من الأزمات والصراعات والنزاعات الإقليمية التى يشهدها عدد من دول المنطقة المجاورة لمصر.

 

chart visualization

فى عام 2020، قالت المنظمة الدولية للهجرة، إن مصر تستضيف أكثر من 6 ملايين لاجئ أو مهاجر، أكثر من نصفهم من السودان وجنوب السودان، فى حين قدرت المنظمة بعد عام واحد فقط أرقام المهاجرين بنحو 6.3 مليون مهاجر بعضهم فر من الحروب فى وطنه، وآخرون جاءوا للعمل فى مصر، وهناك من يوجد بشكل مؤقت لاستكمال مساره لدولة أخرى.

 

ارتفعت الأرقام كثيرا خلال الفترة من 2020 إلى عام 2022، فبعد نحو عامين ونصف العام، وتحديدا فى أغسطس من العام 2022 خرجت المنظمة الدولية للهجرة، ببيانات تكشف حجم زيادة معدلات الهجرة إلى مصر، مقدرة العدد الحالى للمهاجرين الدوليين الذين يعيشون فى مصر بـ9 ملايين شخص من 133 دولة. 

 

chart visualization

ونستنتج من هذا البحث، وما رصدته منظمة الهجرة من أرقام، أن مصر استقبلت خلال الفترة من 2020 إلى أغسطس 2022 ما يقارب 3 ملايين لاجئ يحملون جنسيات مختلفة، وبالقياس فإن مصر قد تكون استقبلت منذ أغسطس 2022 حتى نوفمبر 2024 ما يقارب من 3 ملايين آخرين، ما يعنى أن مجموع المهاجرين واللاجئين الذين يعيشون فى مصر تخطى عددهم 12 مليونا بين «لاجئ ومقيم شرعى وغير شرعى»، وقد تكون الإحصائية الدقيقة لأرقام المهاجرين فى مصر أكثر من ذلك بكثير، مدفوعة بعوامل خارجية عدة، أهمها ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من اضطرابات شديدة وتوترات إقليمية ساهمت فى تعزيز حركة اللجوء والهجرة إلى مصر أكثر وأكثر، فمن قطاع غزة وصولا بما يشهده السودان مرورا بما يحدث فى لبنان، بدا واضحا أن حركة الهجرة إلى مصر وصلت إلى معدلات قياسية.

 

ما يعزز وصول عدد المهاجرين فى مصر إلى أرقام مضاعفة لما كانت عليه فى عام 2022، ما يشهده السودان من أوضاع إنسانية متفاقمة نظرا لاستمرار الحرب منذ أبريل 2023، إذا قالت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين فى 9 نوفمبر الجارى، إن مصر أصبحت الآن أكبر دولة مستضيفة للسودانيين الفارين من النزاع المستمر، حيث إنه منذ اندلاع الحرب قبل 19 شهرا، نزح قسرا أكثر من 3 ملايين شخص، بحثا عن اللجوء فى البلدان المجاورة.

 

 وأشارت المفوضية وفقا لبيانات حديثة، إلى أن أكثر من 1.2 مليون سودانى فروا إلى مصر منذ اندلاع الحرب، موضحة أن حجم هذه الأزمة الإنسانية وضع ضغطا هائلا على موارد مصر وبنيتها التحتية، وعلى الرغم من كرم الحكومة المصرية والتزامها بتوفير الحماية الدولية، فإن قدراتها الآن تتجاوز حدودها بشكل كبير.

 

مقرر لجنة الاستثمار الخاص المحلى والأجنبى بالحوار الوطنى، سمير صبرى، يقول إنه يجب أولا على الدولة المصرية أن تعرف الأعداد الرسمية ثم تصنيفها، ولدينا أكثر من 5 ملايين سودانى من قبل الأحداث، وبالطبع ارتفعت الأعداد كثيرا بعدها، ونجد أن عدد السوريين المسجلين فى المفوضية لا يتعدى 150 ألفا، لكن على الأرض متوقع أن يكون عددهم نحو مليونى سورى.


ما سبب الفجوة في الأرقام؟
جاءت الفجوة الكبيرة بين أرقام اللاجئين المسجلين رسميا لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، وتقديرات الحكومة المصرية، نتيجة عدة عوامل معقدة، أولا، لا يملك الكثير من اللاجئين الوثائق المطلوبة للتسجيل بسبب ظروف فرارهم من بلادهم، ما يجعلهم غير قادرين على الانضمام إلى برامج التسجيل الرسمية والحصول على «الكارت الأصفر» لتوفيق أوضاعهم.

 

يضاف إلى ذلك اختلاف منهجية التصنيف بين الحكومة المصرية والمفوضية، فبينما تعتبر الحكومة جميع الأفراد القادمين من دول متضررة بالهجرة أو اللجوء جزءا من التعداد، تحصر المفوضية أرقامها فى المسجلين كلاجئين وطالبى لجوء رسميين.

 

«مواعيد الأمم المتحدة فى توفيق أوضاع اللاجئين طويلة تستغرق من عام إلى عامين»، هكذا يوضح ولفز قرقورى، أمين جالية جنوب السودان فى تصريحاته معنا، مضيفا أن البعض قد يختار عدم التسجيل بسبب نقص الوعى بفوائده، وقد يعتمد البعض من اللاجئين على الاقتصاد غير الرسمى لتأمين معيشتهم، ما يجعلهم يشعرون بعدم الحاجة إلى التسجيل.

 

وأوضح أنه من ناحية أخرى، تسهم طبيعة مصر كدولة عبور فى اتساع هذه الفجوة، إذ يعتبر العديد من اللاجئين وجودهم فى مصر مؤقتا، ما يدفعهم لتجنب التسجيل رغبة فى متابعة رحلتهم إلى دول أخرى.

 

ولتقليل الفجوة، يرى أنه يمكن تعزيز الوعى بأهمية التسجيل وما يقدمه من دعم وخدمات، أو بحملات توعية ميدانية وإلكترونية تنظمها الحكومة بالتعاون مع المنظمات الدولية، وإنشاء مكاتب إضافية أو فرق متنقلة تصل للمناطق النائية التى يتركز فيها اللاجئون.


لماذا يتجه المهاجرون إلى مصر؟
يتجه المهاجرون إلى مصر لأسباب متعددة، إذ تجمع مصر بين الموقع الاستراتيجى، والاستقرار السياسى والأمنى، والتنوع الاقتصادى، ما يجعلها وجهة جاذبة للاجئين من مختلف البلدان.

 

وقد يُنظر إلى الخطاب الإيجابى للحكومة المصرية الحالية تجاه المهاجرين واللاجئين على أنه عامل جذب، إذ لطالما كانت مصر سخية فى إدراج المهاجرين واللاجئين وطالبى اللجوء فى النظم الوطنية، على قدم المساواة مع المصريين فى كثير من الحالات، رغم التحديات التى يواجهها هذان القطاعان والتكاليف الاقتصادية الباهظة. 

 

وتقدم مصر دعما مهما للاجئين فى العديد من المجالات الأساسية، إذ توفر الحكومة للاجئين حق الوصول إلى التعليم فى المدارس العامة، وتتيح للأطفال اللاجئين الالتحاق بالمدارس بالرغم من التحديات المتعلقة بالوثائق القانونية. 

 

وفى السنوات الأخيرة، جرى تحسين التعليم من خلال تنفيذ برامج رقمية مثل «شبكات المدارس الفورية INS»، والتى تهدف إلى رقمنة المدارس العامة وتوفير برامج تعليمية مدمجة للاجئين والمصريين، كما سمحت وزارة التعليم للاجئين بالتسجيل فى المدارس حتى فى حالة انتهاء صلاحية وثائقهم، وعلى سبيل المثال، فى العام الدراسى 2022/2023، استفاد أكثر من 56,000 لاجئ من منح تعليمية لدعم الرسوم الدراسية والملابس المدرسية والمواصلات.

 

لاجئون في مصر

 

أما فى مجال الصحة، توفر الحكومة المصرية الدعم للاجئين فى الوصول إلى الرعاية الصحية، ويشمل ذلك المساعدة الطبية الطارئة وتلقى اللقاحات المختلفة، وهذا الدعم كان جليا فى جائحة «كوفيد - 19»، بتوفير الأمصال والعلاج لهم إلى جانب المواطنين المصريين، دون تمييز، وإدراج اللاجئين وطالبى اللجوء أيضا بالمبادرات الصحية الوطنية مثل حملة «100 مليون صحة» التى تهدف إلى الكشف عن التهاب الكبد الوبائى «سى» والقضاء عليه فى مصر بحلول 2023، والحملات الوطنية لمكافحة شلل الأطفال حتى سن الخامسة من العمر، ومؤخرا، حملة الكشف المبكر وإعادة تأهيل وعلاج ضعف السمع.


تحديات الاقتصاد المصري: التكلفة تزيد على 10 مليارات دولار
نظرا لموقعها المركزى والاستراتيجى داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تعتبر مصر دولة منشأ ووجهة وعبور، وطالما كانت دولة مرحبة بملايين المهاجرين واللاجئين من مختلف الجنسيات دون تعريضهم إلى المكوث فى مراكز إيواء أو مخيمات على الحدود.

 

ويؤدى توافد المهاجرين إلى تأثيرات متعددة على الاقتصاد المحلى، سواء بشكل إيجابى أو من خلال تحديات تتطلب استجابات مدروسة، لذا جاء قرار الحكومة بحصر أعدادهم وتوفيق أوضاعهم واستخراج «بطاقة التسجيل» للاستمرار فى تقديم الخدمات.

 

وقدر رئيس الوزراء المصرى، مصطفى مدبولى، التكلفة المباشرة لاستضافة 9 ملايين شخص، ما بين لاجئ ومقيم، بسبب ظروف عدم الاستقرار فى بلادهم، بأكثر من 10 مليارات دولار سنويا، بالرغم من الأزمة الاقتصادية التى تجابهها.

 

وهنا يؤكد النائب فخرى الفقى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن ضيوف مصر يستفيدون من خدمات حكومية مقدمة فى الموازنة العامة للدولة تشمل الأمن والعدالة والصحة والتعليم وبرامج الحماية الاجتماعية.

 

يوضح د. سمير صبرى، الضيوف فى مصر عددهم غير دقيق، والأرقام متزايدة فى ظل أزمة اقتصادية عالمية تؤثر على مصر، وعلى دول العالم أن ترى ذلك بشكل جيد، لأن مصر دولة تحمى الجوار من ظاهرة الهجرة غير الشرعية.

 

لاجئون في مصر

 

ووفقا لتقرير صادر عن منظمة التعاون والتنمية «Migration Policy Debates»، فإن تكلفة استضافة اللاجئين المباشرة وغير المباشرة، فى بعض الدول المتقدمة مثل «المملكة المتحدة، وسويسرا، وألمانيا، والولايات المتحدة، والسويد» تكلف للشخص الواحد بين 25.6 ألف إلى 3.9 ألف دولار سنويا.

 

وبالنظر إلى أن مستوى جودة الحياة فيها أعلى من الدول النامية مثل مصر، ولأخذ ذلك فى الاعتبار، يمكن الاستعانة بمؤشر «Big Mac Index»، كأداة تقريبية وليست دقيقة، ونجد أن متوسط سعر ساندوتش «بيج ماك» نحو 5.19 دولار أمريكى، بينما بمصر 2.43 دولار، أى أن الفرق فى مستوى المعيشة فى القاهرة أقل بنحو النصف.

 

وبناء على هذه الفروق، تقدر تكلفة استضافة اللاجئ فى مصر إذا احتسبنا أقل تكلفة فى أوروبا، بحوالى 4000 دولار سنويا، وعليه إذا استضافت مصر 12 مليون لاجئ، مع فرض خصم 50% على هذه التكلفة لتصبح تكلفة اللاجئ سنويا حوالى 2000 دولار، فإن إجمالى التكلفة السنوية التى تتحملها مصر ستكون حوالى 24 مليار دولار أمريكى، مع الأخذ فى الاعتبار أن هذه التقديرات تقريبية، وتعتمد على الفروق فى الأسعار بين الدول التى قد تختلف بسبب عوامل محلية مثل تكاليف العمالة وجودة المنتجات والخدمات.


chart visualization

​ضغط على الإنفاق الحكومى
وبالنسبة لسوق العمل قد يُساهم المهاجرون فى تلبية الطلب على العمالة فى بعض القطاعات، خاصة فى المجالات التى تتطلب عمالة كثيفة مثل «الزراعة، والبناء، والخدمات»، ما يدعم بعض الصناعات ويخفض التكاليف فى السوق المحلى، لكن أيضا قد يؤدى ارتفاع العدد إلى زيادة المنافسة مع السكان المحليين على الوظائف المتاحة، ما يمكن أن يؤثر على أجور العمل، خصوصا فى القطاعات غير الرسمية.

 

ويضع تزايد عدد المهاجرين ضغطا إضافيا على الخدمات العامة، كالتعليم والرعاية الصحية، ما يستدعى مزيدا من الإنفاق الحكومى لتحسين جودة هذه الخدمات، وقد تعانى هذه الخدمات من ضغط إضافى بسبب محدودية الموارد المخصصة لها.

 

السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية، تتفق معنا بقولها إن هناك ضغطا على الخدمات التعليمية تتطلب زيادة فى الفصول الدراسية، وزيادة الأسرة فى المستشفيات، وحتى المنتجات الاستهلاكية مثل البنزين أو الغذاء أو الكهرباء أو المياه، ما يضغط على الإنفاق الحكومى.

 

لاجئون في مصر

 

ويرسل بعض المهاجرين فى مصر جزءا من دخولهم إلى أسرهم فى بلدانهم الأصلية، ما يؤثر على حجم الأموال المتداولة محليا، ومع ذلك، قد تستفيد بعض القطاعات من الأموال التى ينفقها المهاجرون فى السوق المحلى، ما يسهم فى دعم الاقتصاد.

 

وفى الاقتصاد غير الرسمى، يُشارك العديد من المهاجرين فى الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية، ما يجعل من الصعب تتبع إسهامهم المالى بدقة، أو ما يدفعونه من ضرائب.

 

ووفق بيانات المنظمة الدولية للهجرة فى مصر، فإن أكثر من ثلثى السكان 37%، من المهاجرين يعملون فى وظائف ثابتة وشركات مستقرة، وبحسب المركز الإعلامى لمجلس الوزراء، فإن 60% من المهاجرين واللاجئين مندمجون بشكل جيد فى المجتمع لأكثر من 10 سنوات، ويشكل الذكور نسبة 50.4%، والإناث 49.6%، وبمتوسط عمرى يصل إلى 35 سنة. 

 

وعلى سبيل المثال، يعتبر السوريون الذين يشكلون 17% من أعداد المهاجرين الدوليين فى مصر من أفضل الجنسيات التى تساهم بشكل إيجابى فى سوق العمل والاقتصاد المصرى، ويقدر حجم الأموال التى استثمرها 30 ألف مستثمر سورى مُسجل فى مصر بنحو مليار دولار، ما يعكس أهمية تعزيز اندماج المهاجرين لأثره الإيجابى على المجتمعات المُضيفة. 


محاولات تقنين الأوضاع.. هل وجدت الحل؟
قدمت مصر تسهيلات عدة للمقيمين الأجانب من أجل توفيق وتقنين أوضاعهم بطريقة رسمية، كانت بدايتها مايو 2023، عندما أصدرت وزارة الداخلية قرارات تسمح بتسهيل إجراءات الإقامة للأجانب، بما يشمل اللاجئين، وتضمنت منح الإقامة لمدة تصل إلى 5 سنوات قابلة للتجديد لمن يتملك عقارات أو يودع ودائع بنكية بالدولار.

 

وفى أغسطس 2023، أصدر رئيس الوزراء المصرى قرارا بمنح المقيمين غير الشرعيين فرصة إضافية لتوفيق أوضاعهم لمدة عام، بشرط وجود مستضيف مصرى وسداد رسوم تعادل 1000 دولار.

 

مع تزايد اللاجئين السودانيين بسبب الصراع فى السودان، أعلنت الحكومة فى سبتمبر 2023 تسهيلات خاصة لتسجيلهم وضمان حصولهم على الخدمات الأساسية، وفى نوفمبر من نفس العام أدرجتهم فى المبادرات الصحية الوطنية، مثل الكشف المبكر عن الأمراض وتوفير العلاج المجانى.

 

وفى سبتمبر 2024، وافق مجلس الوزراء على مد فترة تقنين أوضاع اللاجئين والمهاجرين لمدة عام، مع إجراءات أكثر مرونة تهدف إلى تسهيل إدماجهم قانونيا واجتماعيا.


cards visualization

 

​قانون جديد للاجئين في مصر.. توافق مع كل المواثيق


فى 18 نوفمبر، وافق مجلس النواب من حيث المبدأ على مشروع قانون مُقدم من الحكومة لإصدار قانون بشأن لجوء الأجانب، ليوازن بين التزامات مصر الدولية تجاه اللاجئين وضرورة حماية الأمن القومى وضمان النظام العام. 

 

ويضع القانون إطارا متكاملا للتعامل مع اللاجئين، يضمن حقوقهم الأساسية كالحماية، والرعاية، والتعليم، والعمل، مع تحديد التزامات واضحة عليهم، ويعطى الأولوية للفئات المستضعفة، ما يعكس بُعدا إنسانيا فى التعامل مع طلبات اللجوء.

 

يهدف مشروع القانون إلى وضع تنظيم قانونى لأوضاع اللاجئين وحقوقهم والتزاماتهم المختلفة، بما يتماشى مع الحقوق والالتزامات المنصوص عليها فى الاتفاقيات الدولية التى انضمت إليها مصر. 

 

يسعى القانون إلى ضمان تقديم جميع أشكال الدعم والرعاية للمستحقين من اللاجئين، من خلال إنشاء لجنة دائمة لشئون اللاجئين تكون ذات شخصية اعتبارية 

 

وتتبع رئيس مجلس الوزراء، وتختص بكل شئون اللاجئين، بما فى ذلك معالجة طلبات اللجوء، والتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، وضمان تقديم الدعم والخدمات اللازمة لهم. 

 

الدكتور مصطفى مدبولي
 

الدكتورة غادة حلمى، عضو اللجنة التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية، أكدت فى تصريحات خاصة، أن تزايد أعداد اللاجئين فى مصر استدعى وضع إطار تشريعى واضح ينظم أوضاعهم على الأراضى المصرية. 

 

وأوضحت أن قانون لجوء الأجانب الجديد يمثل نقطة الانطلاق الأساسية فى تنظيم العلاقة بين اللاجئين والدولة المصرية، مضيفة أن القانون يتماشى مع جميع المواثيق الدولية القانونية والإنسانية التى وقّعت عليها مصر، وفى مقدمتها اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 بشأن وضع اللاجئين.

 

وأشارت إلى أن التشريع الجديد يضمن احترام اللاجئين للقوانين المصرية ويلزمهم بعدم خرقها بأى شكل من الأشكال، مشددة على أن الدولة المصرية تعاملت مع اللاجئين بإنصاف وعدالة، إذ وفرت لهم الخدمات الأساسية على قدم المساواة مع المواطنين المصريين، لافتة إلى رفض الدولة استخدام مصطلح «لاجئ»، واستبداله بمصطلح «ضيف»، للتأكيد على البعد الإنسانى فى تعاملها مع هؤلاء الأفراد.

 

وينص التشريع على أن طلب اللجوء يُقدم إلى اللجنة من طالب اللجوء أو من يمثله قانونيا، وتفصل اللجنة فى الطلب خلال 6 أشهر لمن دخل البلاد بطريقة مشروعة، وبحد أقصى سنة لمن دخل بطريقة غير مشروعة، وتُعطى الأولوية فى دراسة الطلبات لفئات معينة مثل الأشخاص ذوى الإعاقة، والمسنين، والنساء الحوامل، والأطفال غير المصحوبين، وضحايا الاتجار بالبشر أو العنف الجنسى. 

 

ويتمتع اللاجئ بالعديد من الحقوق بمجرد اكتساب هذا الوصف، ومنها الحصول على وثيقة سفر تصدرها وزارة الداخلية، وهى تتيح له التنقل والخروج والعودة بحرية، وحظر تسليمه إلى بلده الأصلى، وحرية ممارسة الشعائر الدينية، مع خضوعه فى مسائل الأحوال الشخصية لقانون بلد موطنه، بشرط عدم التعارض مع النظام العام. 

 

كما يتمتع اللاجئ بحقوق إضافية تشمل العمل، والتقاضى، وملكية العقارات، والاعتراف بالشهادات الدراسية، والحصول على الرعاية الصحية والتعليم الأساسى، والاشتراك فى الجمعيات الأهلية، مع الإعفاء من ضرائب إضافية أو أعباء مالية، ما يعنى أنه يعامل معاملة المواطنين.

 

ويلتزم اللاجئ باحترام قوانين مصر وقيم المجتمع، ويحظر عليه القيام بأى أنشطة تمس الأمن القومى أو تخالف مبادئ المنظمات الدولية، ولا يُقبل طلب اللجوء إذا ارتكب مقدم الطلب جرائم جسيمة أو أعمالا تهدد الأمن القومى، وفى حال رفض الطلب يمكن للجنة أن تقرر إبعاد طالب اللجوء خارج البلاد، كما تسقط صفة اللاجئ إذا ثبتت المخالفات، ويتعين على من دخل البلاد بطريقة غير مشروعة أن يتقدم بطلب إلى اللجنة خلال 45 يوما، وإلا يتعرض لعقوبة تشمل الحبس أو الغرامة المالية. 

 

Capture

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق